يكبد المزارعين خسائر كبيرة

محور موراج.. يدمر سلة قطاع غزة الغذائية

 محور موراج.. يدمر سلة قطاع غزة الغذائية
تقارير وحوارات

غزة/ سماح المبحوح:
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي إحكام قبضتها على محافظة رفح جنوب قطاع غزة، وصولا لفصلها عن مدينة خان يونس بإنشاء "محور موراج"، ما ينذر بخطر تجدد المجاعة على مستوى القطاع، لاعتبارها سلة الغذاء الرئيسية للأسواق المحلية
وأعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي الجمعة الماضية انها استكملت السيطرة على كامل محور موراج بين مدينتي رفح وخانيونس جنوب قطاع غزة.
وأوضحت إذاعة جيش الاحتلال في منشور عبر منصة "إكس"، أن الفرقة 36 ولواء المدرعات 188، تقدموا بشكل كبير في العمليات البرية جنوب قطاع غزة"، وتمكنوا من السيطرة الكاملة على محور موراج وتطويق مدينة رفح من الجهات كافة.
لن تؤدي خطة الاحتلال الإسرائيلي لإنشاء خط سيطرة جديد عبر جنوب غزة، المعروف باسم "محور موراج، إلى قطع الوصول إلى اثنتين من نقاط العبور الرئيسية الثلاث في الأراضي الفلسطينية للأشخاص والبضائع فقط، لكنها ستضع أيضًا منطقة زراعة الغذاء الرئيسية تحت سيطرته.
وشكلت عودة الحرب من جديد في شهر آذار/ مارس الماضي، وإغلاق المعابر وسيطرة الاحتلال على مدينة رفح وصولا لمناطق في محافظة خان يونس، انتكاسة كبيرة للمزارع رمزي شعت.
وأوضح شعت لـ "الاستقلال" أنه عمل خلال فترة التهدئة في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي على استصلاح 25 دونما من أراضيه الزراعية في حيي السلام والمنارة جنوب خان يونس، حيث قام بتغطية بعضها بالدفيئات ومدها بخراطيم المياه، وتوفير كميات من شتل الملوخية والطماطم والبطاطا والفلفل الحار، والباذنجان، وما إن بات يرى بصيص نور في أشتاله التي بدأت تكبر أمام أعينه، حتى غادرها مرغما تحت تهديدات الاحتلال ليحافظ على روحه.
وبين أن الاحتلال أمرهم مؤخرا بإخلاء تلك المناطق وفرض سيطرته عليها وعلى المناطق القريبة من أراضيه، ما ينذر بتلف محاصيله وخسارته مبالغ مالية باهظة تقدر بآلاف الشواكل.
وأشار إلى أن منع وصوله وبقية المزارعين إلى أراضيهم وإحكام قبضته على محافظة خان يونس، يؤدي إلى إفراغ سلة غذاء القطاع، وبالتالي سيعود المواطنين لتناول المعلبات والبقوليات إن وجدت.
عودة شبح المجاعة
بدوره، حذر الناطق الإعلامي باسم وزارة الزراعة بغزة م. محمد أبو عودة من عودة شبح المجاعة بقطاع غزة من جديد، بسبب سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الزراعية الشرقية والشمالية الحدودية والجنوبية الحدودية، منها منطقة موراج، الواقعة بين خانيونس ومدينة رفح جنوب القطاع.
وقال أبو عودة لـ "الاستقلال" "إن: منطقة موراج في الوقت الراهن تعتبر السلة الغذائية لقطاع غزة، حيث أنها تغذي الأسواق المحلية بأصناف من الخضروات منها: الكوسا، الباذنجان، البصل، الخيار، الفلفل، الطماطم، ومع سيطرة الاحتلال على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية فيها، وتقييد وصول المزارعين لأراضيهم، يؤثر بشكل كبير على السلة الغذائية، ما ينذر بعودة المجاعة".
وأضاف: أن" تدمير الاحتلال مدينة رفح وصولا لموراج، واستمراره بقضم الأراضي الزراعية والضغط على المزارعين، كل ذلك يؤدي لانهيار المنظومة الزراعية".
وأشار إلى أن عدد كبير من المزارعين في مناطق رفح وخان يونس جنوبا، وبيت لاهيا وبيت حانون شمالا قاموا باستغلال فترة وقف إطلاق النار باستصلاح أراضيهم الزراعية، لسد حاجة القطاع من الخضروات، إلا أن عودة الحرب، كلفتهم خسائر مالية باهظة، بسبب منع وصولهم لأراضيهم، ما أدى لتدميرها بكل ما فيها من مستلزمات زراعية، وتلف محاصيلهم.
وشدد على أن أخطر ما قام به الاحتلال هو إخراج الأراضي الزراعية في مناطق بيت لاهيا وبيت حانون، ومناطق شرق الزيتون وشرق الشجاعية والمناطق الغربية والشرقية في خان يونس، وأراضي مدينة رفح عن الخدمة، أي حوالي 60% من الأراضي الزراعية على مستوى قطاع غزة.
ولفت إلى أن ما قام به الاحتلال في تلك المناطق أدى لوجود أصناف محدودة من الخضروات قادمة من جنوب خان يونس بأسعار مرتفعة، تفوق قدرة المستهلك الغزي على الشراء، وفي حال قام بفصل شمال الواد عن جنوبه كما السابق، فإن شمال القطاع سيدخل في مجاعة من جديد، وفي حال أكمل سيطرته على خان يونس فإن جميع المحافظات ستشهد المجاعة.
وكان المواطنين في شمال غزة عاشوا الجوع للمرة الأولى، ما بين شهري يناير/كانون الثاني ومارس/ آذار من العام الماضي، حيث اضطروا إلى خلط أعلاف الحيوانات بدقيق القمح المتوفّر قبل نفاده كلياً، كذلك أكلوا أوراق الأشجار وبحثوا عن أيّ بدائل ممكنة حتى لا يموتوا جوعاً.
وسبب لهم النقص الهائل في الغذاء حينها، سوء تغذية حاد وجفاف في أجسام الأطفال خاصة ترافق مع مشكلات صحية، وصل الحال بعدد منهم إلى الوفاة.
آثار كارثية
يقدر طول "محور موراج" الجديد بنحو 12 كيلومترًا، ويمتد من البحر غربًا حتى شارع صلاح الدين شرقًا، وصولًا إلى الحدود الفاصلة بين مدينة غزة والأراضي المحتلة، وتحديدًا عند معبر "صوفا" الواقع بين رفح وخان يونس.
كما يبعد محور "موراج" حوالي 5 كيلومترات شمالا عن محور "فيلادلفيا" على الحدود المصرية في أقصى جنوب قطاع غزة، والأخير يسيطر عليه الاحتلال منذ آيار/ مايو 2024 ويرفض الانسحاب منه.
من شأن هذا المحور أن يقطع أوصال القطاع، ويفرض واقعا جديدا في جنوبه، إذ أصبح سكان رفح، أقصى جنوب القطاع معزولين عن عمقهم في الجهة الشمالية من القطاع، ويعانون من عدوان بري واسع بدأ قبل أيام على المدينة التي دمر الاحتلال معظم مبانيها على مدار الأشهر السابقة.
وللمحور الجديد آثار كارثية على الأوضاع الاقتصادية المتردية أصلا في القطاع، فإلى جانب عزل رفح، سيقضم الاحتلال مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في محيط المحور الجديد، والتي تمثل سلة الغذاء المتبقية للقطاع والتي ساهمت نسبيا في كسر موجة المجاعة على القطاع.
وسيؤدي "محور موراج" الجديد إلى إنهاء النشاط الزراعي في المنطقة بين رفح وخان يونس، الأمر الذي من شأنه تعجيل استفحال المجاعة في قطاع غزة، على ضوء الحصار المطبق وإغلاق المعابر منذ ما يزيد عن شهر.

التعليقات : 0

إضافة تعليق